في عام 2006.. كان من بين ما تضمنه التقرير الوطني للتعليم والتنمية البشرية دعوة صريحة وواضحة وعاجلة لتطوير ما أسماه التقرير حينذاك”بالصوت المسموع” للمواطن وبشكل خاص الشباب على اختلاف فئاتهم العمرية، حيث طالب بتنمية قدراتهم ومهاراتهم وتمكينهم من المشاركة المجتمعية بكل أبعادها، على اعتبار أنهم الرافعة الحقيقية لتنمية المجتمع.
كلام في محله والكل له مصلحة فيه من كل النواحي وخاصة لجهة أن يكون للشباب دور في صنع القرار وهو ما أكدنا عليه مراراً وتكراراً، لكن المتابع اليوم للحراك الشبابي المحلي منذ ذاك التاريخ ولغاية اليوم لن يجد صعوبة في ملاحظة أن مفاعيل تلك الدعوة بقيت أسيرة جدران القاعة التي أطلقت منها !
فأين المحاسبة والمساءلة للمسؤولين الذين كانوا يتصدرون المقاعد الأمامية ويهزون برؤوسهم إعجاباً بتفاصيل التقرير المذكور وتأييداً لكل كلمة فيه؟.
هل سمع أحدنا خلال السنوات الماضية شيئاً اسمه خطة وطنية عملية لتمكين الشباب وتأهيلهم وتدريبهم؟.
المؤتمنون على رسم السياسة والخطط الاقتصادية “ضيعونا” بحديث الأرقام المصطنعة عن نمو وقوة اقتصادنا، وكم أحبطوا الجيل الشاب “بفايروس” حرف السين الذي لم يجلب لهم سوى المزيد من الإقصاء والتهميش المتعمد!.
كانوا يعملون على مبدأ “اعقل وتوكل” لم يكن هناك معطيات صحيحة ولا بيانات مؤكدة تساعد على وضع السياسات والخطط الناجحة ولو بحدودها الدنيا، والدليل على ذلك التناقض الكبير في الرقم الإحصائي بين مؤسسة وأخرى، فأي سياسة أو خطة تنموية يمكن رسمها أو بناؤها على هكذا أرقام لا تعكس الواقع أو الصورة الحقيقية؟.
أحد تجليات هذه السياسات نجدها في مخرجات تعليمنا العالي، فهي غير متطابقة مع متطلبات سوق العمل وطموحات الشباب، لذلك الثقة اليوم بجدوى التعليم ضعيفة نظراً للخلل في القبول الجامعي، عدا عن نقاط الضعف و العيوب البنيوية العديدة التي لا مجال للخوض فيها الآن.
” موضة ” الحلول المستوردة بقوالب جاهزة كان لها الأولوية، وغالباً ما كان “الفيتو” من نصيب المبادرات والكفاءات الوطنية الشابة!
اليوم وبعد أكثر من سنة ونصف المبادرات الشبابية على اختلاف أنواعها ومضمونها تثبت العكس، فما قام به الشباب وأظهروه من انتماء حقيقي ومقدرة عالية على أداء المهام الصعاب يؤكد أن الرهان عليهم كان في مكانه، فنحن مقدمون على مرحلة جديدة لا بد أن يكون للشباب شأن، بل الدور الأهم فيها من موقع القدرة والكفاءة العالية على المواجهة.
حاولنا أن نذكر بالماضي لعل الذكرى تنفع، وتحرك وتشحذ الهمم في العمل على تطويق آليات الفساد بكل أشكالها و ألوانها.
