حقائق مؤلمة بشأن الكتاب الجامعي كشفت عنها الدراسة التي أعدّتها مديرية الكتب والمطبوعات بجامعة دمشق !
الدراسة المطولة أشارت بوضوح إلى وجود العديد من المشكلات التي تعرقل تطور الكتاب الجامعي رغم توفر كل الإمكانيات اللازمة لذلك، وأهمها مطبعة الجامعة الحديثة القادرة على إنجاز أي كتاب بجودة عالية، لكن يبدو أن المشكلة أكبر من ذلك بكثير، فهي تتعلّق بنفور من الكتاب وعدم تحبيذه إلى درجة المطالبة بإلغائه، ولحظت الدراسة أن الطلبة باتوا يفضّلون ويعتمدون على وسائل أكثر أهمية كالمراجع العلمية ومصادر المعلومات الأخرى في المكتبات، بما فيها الاعتماد على النت!.
ولم تخف الدراسة مسؤولية قصور وتراجع مكانة الكتاب الجامعي بجامعة دمشق إلى الأساتذة الذين لم يعودوا يبالون بالتأليف بالرغم من الحافز المادي المقبول، وهم إن أقدموا على التأليف غالباً ما يتسرّعون بإنجاز الكتاب دون الاهتمام بجودة المعلومة وحداثتها وحتى التأكد من صحتها ، فالأهم عندهم كسب الدرجة العلمية على اعتبار أن تأليف الكتاب شرط أساسي من شروط الترفع العلمي.
وأكثر ما يثير القلق هو ما لفتت إليه المديرية في دراستها إلى ظاهرة خطرة وهي قيام بعض الأساتذة بشكل مباشر الدفع باتجاه إضعاف الكتاب، وقطع حبل الود بينه وبين الطالب من خلال إقناع الطلبة بالابتعاد عنه بحجة أنه هزيل بمعلوماته باعتباره متخلفاً أو بحاجة إلى تعديل أو أنه لم يعد يواكب التطورات العلمية الآنية أو غير ذلك، مشيرة إلى تأخر صدور بعض الكتب المقرّرة وعدم وضعها بين أيدي الطلاب في الوقت المناسب وخاصة مع بداية العام الدراسي، وهذا برأي المديرية يعود في معظم الحالات إلى الأقسام المختصّة التي لا تراعي إنجاز وتأليف الكتب في الوقت المناسب، متعمّدة ترك بعض المقررات دون تحديد الكتب التي تغطيها إلى جانب عدم التجاوب مع المديرية بتحديد ما تحتاجه من عناوين قديمة وجديدة وأعداد نسخها قبل فترة كافية من بداية الفصل، إضافة إلى بعض المشكلات الفنية والإدارية والمالية التي تعترض عمل مديرية الكتب والمطبوعات والتي تؤدي بالضرورة أحياناً إلى بعض التأخير في إنجاز وتوزيع الكتب الجامعيّة، وهذا ما يؤدي إلى مشكلة مع بداية كل عام دراسي!.
الدراسة خرجت بعدة مقترحات وضعتها بعهدة الجامعة لعلها تساهم في إنقاذ حالة الكتاب وتعيد الروح إليه، نذكر منها: تشكيل لجنة علمية لتقديم رأي معلّل حول الحاجة إلى تعديل الكتاب، وعدم الاكتفاء فقط بمرور الفترة الزمنية إلى جانب الاطلاع على المخطوطة المعدّلة ومقارنتها بالأصلية.
ودعت إلى تفعيل أسلوب المشاركة في التأليف لعدد أكبر من المؤلفين وتغطيـــــة المناهج بآن واحد للكليــــات وللأقسام المتشابهة، وتحرير الكتـــاب الجامعي من أية مؤثرات سلبيّة وضغوطات كاعتبــــاره مثلاً أحد الأسس الذي يعتمد عليها الترفيع للأساتذة، مع مراعاة اعتبار تأليف الكتاب الجامعي عملاً تقانياً وعلميـــــاً من جهــــة وعمــــلاً إبداعياً من جهــــة أخرى وليس فقط مهمّة وظيفيــــة يقوم بها أي عضـــــو هيئة تدريسية أو تعليميــــة أو فنيـــة.
Nuss.sy