ليس مستغرباً ما حدث في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، واستهجان عمادتها حول تساؤلنا بحدّة عن أحقية إدارة الكلية باستثمار المبنى، ووضع لافتة تماثل لافتة الكلية وتسميتها بالطرف الموازي لمؤسّسة مالية خاصة حول دورة محلّل استثماري؟!.
هل من المعقول ما يحدث، إذ تم وضع لافتة على مدخل الكلية وكأن هذه الدورة نظام مستمر ودائم، وأصبح جزءاً من الكلية وبرنامجها، ورغم أننا لم نلتق عميد الكلية، نستغرب سرعته اللافتة بالاستهجان المنقول من وكيل الجهة المالية اللبنانية وصاحب معهد “سما” للتدريب والمحاسبة ؟؟.
وبدلاً من تزويدنا بالمعلومات المطلوبة، يتمّ سحب الأوراق التي أعطانا إياها الدكتور سامر القصار منسق دورة محلّل استثماري!!
ونقلت صحيفة “البعث” عن أساتذة الكلية قولهم ” لا نملك أية تفاصيل حول الدورة، وكلّهم أبدوا استهجاناً لوضع لافتة على جدار الكلية حول الدورة المتّبعة وأكدوا أنها سابقة بهذا الأسلوب والطريقة”.
لا يوجد صيغة للتفاهم!!
صاحب معهد “سما” الدكتور قصار سحب منّا أوراق ما يقال إنها اتفاقية، إلا أننا راجعنا جامعة دمشق، ولم نجد صيغة اتفاقية أبداً، حيث أكد السيد فادي شلبي مدير التعاون الدولي والثقافي في الجامعة أنه لا يوجد اتفاقية تمّ توقيعها بهذا الشأن وسمعنا عن اتفاقية، ولكن لم يتمّ إنجازها ويحقّ للكلية إجراء دورات تدريب منهجي وفق نظام الجامعة.
وما وجدناه هو كتاب من مؤسّسة المحلّلين الماليين في لبنان يؤكد أنها ترغب بإجراء دورة بالتعاون مع كلية الاقتصاد واستضافة امتحانات الشهادة؟! ومدة الدورة لا تقلّ عن الـ 120 ساعة تدريسية، وبالاعتماد على الكادر المختص في كلية الاقتصاد التي ستقوم أيضاً بتوفير الأماكن اللازمة لإقامة الدورات، وألا يتجاوز رسم الانتساب /50000/ ليرة سورية، وتستضيف الكلية أيضاً امتحانات الشهادة مقابل رسوم محدّدة، وتعطي شهادة للمتدربين في حال تحقيق حضور 80٪، وتتولّى مؤسسة “سما” الجانب المالي وإعطاء الكتب للمنتسبين، وبناء على هذا الكتاب أرسل الدكتور مصطفى الكفري عميد الكلية كتاباً برقم /1447/ تاريخ 21/4/ 2013 إلى مديرية الشؤون القانونية في الجامعة مع طلب إلغاء فقرة الامتحان واستبدال كلمة شهادة بوثيقة؟!، وإعطاء الكلية حق إلغاء الدورة في حالة مخالفة الشروط. ووافقت الشؤون القانونية وأمانة الجامعة على ذلك.. إلا أنه وعبر هذه المراسلات الروتينية تمّ تمرير استغلال واضح لاسم جامعة دمشق وكلية الاقتصاد مكاناً واسماً وسمعة.
السؤال الذي يطرح نفســه هنا: لماذا الموافقة على إدخال معهد خاص ولم تقم الكلية بشراء البرامج وتدريسها والاستفادة من كامل الدخل المتوقع.؟
مقابل لا شيء!!
كيف تقبل الكلية والجامعة تقديم كل شيء (مكاناً ومكاتب ومدرجات وكادراً تدريسياً) مقابل لاشيء!!.. ونسأل: أليس من المفروض مصادقة مثل هذه العقود من وزارة المالية؟ ولماذا تركها خارج استيفاء الرسوم والضرائب المفترض جمعها من مدخولات شركات خارجية إلى بلادنا؟!.
وأيضاً نذكر هنا بأن جامعة دمشق وجمعية المحاسبين القانونيين ومجلس المحاسبة الناظم لمهنة المحاسبين والمدققين الماليين، ألزم أي جهة ترغب بتصحيح أو بيع برامج تدريبية أو إقامة دورات تأهيلية لأي نوع في المحاسبة أن تأخذ موافقته، فلماذا هذا التجاوز وشطب رأي كل المعنيين بهذه الإجراءات، والاكتفاء برأي كتاب عميد الكلية وصاحب معهد «سكاي»؟!.
والتساؤل الأخير: ما هي مصداقية الشهادة والإعلان المنشور يؤكد على إعطاء شهادة حضور فقط وليس شهادة محلّل، لأن امتحان الشهادة مأجور وبمئات الدولارات ويتمّ تقديمه خارج سورية، فهل تشارك كلية الاقتصاد في استغلال الطلاب وخداعهم بدورة لا يُستفاد منها ولا تعطي شهادة اختصاص، ويدفع الطالب 45000 ليرة سورية، وإذا أراد تصديق الشهادة عليه تقديم الامتحان في لبنان أو السعودية أو الكويت، ولماذا لم يتمّ شرح ذلك في الإعلان المنشور؟؟!.
الأهم السوية العلمية
سوية جامعتنا لها اسمها وسمعتها، وكلياتنا ليست ملكاً لعمدائها ولا لمجلس الكلية الذي يجب أن يخضع أي استثمار للمبنى وللموارد المالية والبشرية إلى الهدف الأسمى وهو رفع المستوى العلمي، وإدخال الجديد المطلوب في المناهج ودعم الكلية بالموارد وليس دعم المعاهد الخاصة وإغراق الكلية بالإجراءات المبهرجة التي تؤكد استغلالها الواضح، مذكرين من باب التنويه فقط بالماجستير السوري الألماني الذي كان بادرة لافتة لتطوير طاقات طلاب الاقتصاد وإدخال شهادة مموّلة من الجانب الألماني بدرجة ماجستير مصروف عليه من جامعة (ماربول)، حيث أوضح الدكتور رسلان خضور المنسّق للماجستير السوري الألماني أن الاتفاق الذي كان بدرجة الماجستير هو اتفاق بين جامعتين ومصادق عليه من مجلس التعليم العالمي ومن الحكومتين السورية والألمانية وبالتعاون ما بين هيئة تخطيط الدولة في سورية والحكومة الألمانية.
هو مثال أوردناه من باب المقارنة بواقع ما يحدث لأن المطلوب تطوير ورفع سوية المناهج والتدريس، وجعل الجامعة المكان الذي يعطي فعلاً اختصاصاً ومهارات وليس استغلال المكان وإدخال برامج غير متابعة وشركات غير متابعة ومعهد لا يحصل على موافقة السلطات السورية وهو يعمل في المنطقة الحرة ولم يحصل على التراخيص المطلوبة لإجراء هذه الدورات، فلماذا كل هذه المخالفات والاستقواء على الملكيات العامة والاستنفار للخاص بهذه الطريقة؟!.
الأسئلة برسم كلية الاقتصاد وجامعة دمشق ووزارة التعليم العالي؟!.