الأخبار

جامعيون يعملون في مهن القاع

حقوقي يترك بيع الخضار ليعمل سائق على شاحنة …و مدرس يعمل على رافعة!!

عفوا.. هل تريد أن تعمل بائع للخضار..أو عامل بناء..أو “جرسون”…ما هي شهادتك ومؤهلاتك العلمية؟؟ … أنت لا تشاهد ولا تقرأ سيناريو للكاميرا الخفية ولست في (أليس  في بلاد العجائب) ، بل هذا ما يحصل فعلا على أرض الواقع، وفي القرن الواحد والعشرين، وفي سورية بالتحديد حيث لم تعد الشهادة والتخرج هما الهاجسان الوحيدان لشباب هذه الأيام.. بل إيجاد عمل مناسب لهم هو الهاجس الأكبر الذي يطارد الكثيرين…منهم من ترك شهادته جانبا واتجه لعمل آخر أقل قيمة معنويا ولكنه ذو مردود مادي أكبر، ومنهم من اتخذ عمل أخر إلى جانب عمله الأكاديمي، لكي يساعده في تأمين متطلبات حياته، موقع NUSS التقى عدد منهم وكان الحوار التالي:

محامي سوق الخضار..

عبد الرحمن ص خريج الحقوق في جامعة حلب والذي لمدة سنتين في مكتب للمحاماة قال :مهنة المحاماة ليست للدفاع عن المظلومين بقدر ما هي معاملة يكسبها الذي يدفع أكثر… بعد عملي لمدة سنتين اكتشفت أن هذه المهنة لا ينجح بها إلا الشخص الذي يعرف مفاتيح القضاة..، وأضاف: فرص عمل المحامي الذي لا يتمتع بهذه المواصفات قليلة جدا.. فقررت ترك المحاماة واتجهت لعمل آخر هو بائع للخضار على بسطة في سوق القابون وكنت معروف باسم (الخضرجي المحامي)، ومنذ سنتين تركت مهنتي كبائع للخضار واتجهت للعمل كسائق شاحنة لنقل البضائع بين سورية ودول الخليج ولا أزال فيها حتى الآن…والتي اعتبرها أفضل بكثير من مهنة المحاماة وتدر علي دخل أكبر.

سألته: هل تشعر بالندم لتركك شهادتك والعمل أعمال أخرى؟

“لم أندم أبدا على الدراسة لأنها ضرورة لأي شخص ، إلا أنني في حال قررت العمل بشهادتي فإن دخلي سيكون أقل ومتطلباتي كمحامي من ناحية (البرستيج) ستكون أكثر ولكن بشكل عام يجب أن يكون الدخل متناسب مع الشهادة وهذا أمر غير موجود في بلدنا “.

محاولات فاشلة..

تابع عبد الرحمن قائلا: حاولت كثيرا أن أجد عملا ضمن دوائر الدولة، فلم أترك أية مسابقة إلا وتقدمت لها ولكن محاولاتي جميعها باءت بالفشل..إذ تقدمت لمسابقة رئيس دائرة، ومسابقة للقضاة..وعدد من المسابقات في بعض الوزارات وجمعيها كان لها نفس المصير(رفض).

وختم عبد الرحمن قائلا: أمل أن تتغير الظروف والفرص المتاحة كي يتمكن أولادي من نيل وظيفة تناسب مؤهلاتهم العلمية…(الله لايدوقهون اللي دقتوا…)

أعمال شاقة
المعضلة ذاتها نجدها لدى السيد أحمد ح خريج تجارة واقتصاد في  جامعة دمشق الذي عين كمدرس بأحد المدارس الصناعية لمادة الرياضيات والمعلوماتية، يقول الحريري: راتبي كمدرس لا يكفي لإعالة أولادي ال9 لأكثر من 10 أيام بالشهر، مما اضطرني لشراء رافعة لرفع البلوك والرمل أعمل بها خارج أوقات الدوام وفي أيام العطل لدى متعهدي البناء، وتابع: ففي كثير من الأحيان كنت أكتشف بأنني أعمل عند طلابي مما يسبب لي الحرج ولكنني تعودت على هذه الأمور، وأضاف: عملي الشاق الذي أمارسه حاليا يحقق لي موارد مالية كبيرة أكثر من مهنتي كمدرس.

انفصام شخصية

ويضيف : العمل بمهنتين متناقضتين سبب لي نوع من الإحساس بانفصام الشخصية ، أنا في الصباح وحتى نهاية الدوام مضطر أن أتعامل مع نفسي ومع مجتمعي  كمدرس ، وفي المساء وأيام العطل أتحول إلى عامل عادي سواء لناحية السلوك والمظهر…وهذا ما سبب لي إرباك ، ومعاناة، والكثير من الانتقادات من أولادي الذين يطالبونني بشكل دائم تركك هذا العمل مؤكدين استعدادهم لأن يتحملو كل تبعاته

الشغل مو عيب..

هذا ما قاله محمد.ح طالب كلية الهندسة المدنية والذي يعمل كنادل في احد المطاعم، يقول محمد عن عمله: بأنه وسيلة لتأمين مصاريف دراسته الجامعية والتي لم تعد أسرته قادرة على تحملها، ومن ناحيته يرى بأن عمله هذا هو عمل مؤقت حتى تنتهي دراسته.

قديما قيل (صنعة في اليد أمان من الفقر) كان أجدادنا يسعون دائما لتعلم صنعة (مهنة ) لتقيهم من الفقر ويتركون العلم جانبا، أما آباؤنا فحاولوا الجمع بين العمل والدراسة وذلك بالحصول على شهادات والعمل في مهنهم الخاصة…المؤسف في أيامنا أن نرى الكثير من أصحاب الشهادات الجامعية يعملون ( بمهن القاع) التي لاتتطلب أي شهادة جامعية …؟؟

 

رانية وجيه المشرقي

Ranea-journal@hotmail.com