مئات، بل آلاف الشباب العاطل عن العمل يقضي ليله ونهاره متسكعاً في المقاهي يدّخن الأركيلة ويلعب “المحبوسة والمغربية ولا على باله” منتظراً أن تأتيه فرصة العمل على طبق من ذهب، المؤلم في هذا المشهد اليومي هم الخريجين في الجامعة هؤلاء الحالمون والمنتظرون لوظيفة من الدولة قد تأتي لبعضهم وتكون أبعد من “نجوم السما” عن غالبيتهم نتيجة لانكماش فرص العمل، وارتفاع معدلات البطالة في سورية وخاصة في السنوات الثلاث الأخيرة بفعل الأزمة، عدا عن الفيتامين “واو” الذي ما زال يصادر أحلام الشباب!.
لا شك هذه مشكلة مقلقة اجتماعياً واقتصادياً من المفروض أن تدفعنا بقوة اليوم قبل غد للتحرك لتغيير ثقافة العمل عند شبابنا التائه، وعلينا أيضاً تغيير ثقافة التوظيف عند الدولة التي زرعت في أذهان الكثيرين، فجعلتهم مأسورين لها ينتظرونها مهما طالت!
إن تعزيز ثقافة العمل الحر لدى الشباب، وترسيخ روح المبادرة لديهم، أمر لا يأتي بين ليلة وضحاها، بل هو يحتاج لخطط عمل وبرامج تبدأ من المدرسة وصولاً إلى الجامعة، وهو ما يغيب تماماً عن أولويات أو مهام مدارسنا وجامعاتنا الملتهية بالحفظ والتلقين بعيداً عن تحفيز الطالب وتعليمه كيف يبدع ويبتكر!.
أتذكر عندما كنّا طلاباً في الثانوية العامة كان أستاذ الرياضيات يقول لنا عبارته الشهير” اجتهدوا وتفوقوا تحظون قبل غيركم بوظيفة في الدولة” هذه العبارة ظلت راسخة عن الغالبية من أبناء جلينا الذين ما زالوا إلى الآن بلا عمل رغم تفوقهم!
ليس مقبولاً الآن أن تكون المناهج المدرسية والجامعية خالية من تعليم الطالب على اكتساب مهارات العمل وإبراز مفهوم المبادرة والتوجه نحو بناء المشروع الشخصي الذي يحقق له هدفه، هذه مسؤولية تقع على عاتق وزارتي التربية والتعليم العالي.
اليوم هناك عشرات الآلاف من الشباب الذين تراودهم إقامة مشاريعهم الخاصة ولكن تنقصهم الحيلة لجهلهم بماذا وكيف يبدؤون، ولغياب من يتبنى مبادراتهم ويدعمها، والأهم أن ثقافة العمل في ذهنيتهم مرتبكة إلى درجة الانعدام!!.
للأسف يعلم المعنيون أن مناهجنا بحاجة إلى “نفض” لتكون مناسبة لمتطلبات وحاجات سوق العمل، لكن الاستجابة لا تزال ضعيفة في عز عصر التكنولوجيا!!.
NUSS.SY