لم تكن لبانة تعلم أن المسنجر و الشات سيوصلانها لتجد نصفها الأخر في ألمانيا…تقول لبانة: أستخدم المسنجر لأتواصل مع الأصدقاء والأهل، وشاءت الصدف أن أتعرف على المسنجر بابن خالتي الذي ولد وعاش في ألمانيا… وكان هذا التعرف هو بداية لقصة حبنا، ثم خطوبتنا وقريبا زواجنا إن شاء الله…
ظاهرة أصبحت منتشرة بكثرة هذه الأيام… الشات و المسنجر و الفيسبوك وخصوصاً عبر الموبايل ، فمن غير المعقول أن ترى شاباً أو فتاة إلا وقد استل الموبايل وانغمس مع أصدقائه ومجموعته على الشات… فلماذا يلجأ شبابنا للشات وللحياة الافتراضية، سؤال طرحناه على مجموعة من شبابنا وشاباتنا وكان التالي:
أغرق بالشات:
تقول هلا : أنا أغرق بالشات عبر الموبايل، وأقضي حوالي العشر ساعات من وقتي على الشات مع أصدقاء أعرفهم ولا أعرفهم..؟ فقد تعرفت عليهم من خلال النت فقط منذ أكثر من خمس سنوات..وأعرف كل شيء عنهم وعن عائلاتهم ومشاكلهم وهم يعرفون عني الكثير وألجأ إليهم في كثير من الأحيان لعرض مشاكلي ومساعدتي في حلها… ولكن حتى الآن لم أتعرف على أحدا منهم بشكل شخصي، وتتابع: أرتاح جدا بالتعامل معهم والبوح بأسراري لهم، فأنا لا أجيد البوح بمكنوناتي للمقربين مني مثل أصدقائي على الشات.
للفاشلين اجتماعيا:
برأيي من يتعلقون به هم الفاشلين اجتماعيا هذا ما قالته شيرين: وهم من البيئات المنغلقة بحيث يجدوا على الشات و المسنجر ما لا يجدونه في حياتهم الاجتماعية، ويبحثون دائما على إثبات أنفسهم بأي وسيلة كانت وبأي أسلوب لذلك يلجؤون للعالم الافتراضي والوهمي، أما من ناحيتي فهذه البرامج لاتهمني أبدا، فالحمد لله الحياة الواقعية مليئة بالعشرات إن لم يكن المئات للتحدث معم والتواصل بشكل حميمي أكثر من الشبكة العنكبوتية.
للبنات فقط:
ومن ناحيته انس قال: حاليا يشكل الشات على الانترنت حوالي 30 % من استخدامي للانترنت، أما في بداية استخدامي للانترنت كنت ” كعديم ووقع بسلة التين” فكان شيء جديد علي، أنا بطبعي لا أختلط بالناس كثيرا، وبوجود النت وجدت ضالتي به وقدم لي فرصة التعرف على الناس على طبق من الماس ” البنات طبعاً”، ومن ناحية أخرى هو من أرخص وسائل الاتصال داخليا وخارجيا، ولكن هذا لا يلغي بأن له الكثير من المساوئ، فقد تحولنا إلى أشخاص الكترونيين… وأصبحنا نعايد بالا يميل ونعزي بالايميل، ونحب عبر النت…بل وأكثر من ذلك…!
مدمنة انترنت:
بصراحة أنا اعتبر نفسي مدمنة للنت هذا ماقالته رهف عن نفسها:
فالموبايل بيدي دائما، بسبب وزنه الخفيف ولكن عندما ادخل الشات أو المسنجر لا أشعر بالوقت عدا ذلك فأنا أستعين بالانترنت في حلقات البحث وفي دراستي الجامعية، وفي أيام كثيرة يتجاوز استخدامي له 14 ساعة ..ولكن بالنهاية أريد أن أتعالج من إدمان الانترنت، وتتابع: باعتقادي المسنجر هو للاتصال وليس للتواصل، ولولا موضوع المصروف لبقيت دائما أون لاين، وبصراحة أنا أخذ راحتي أكثر بالحديث عبر المسنجر، وخصوصا في التعارف والحوار مع الناس.
لا حياة من دون المسنجر:
أنا اون لاين 24/24 ولا أغلق المسنجر أبدا…ففي الجامعة وفي البيت وفي الباص أبقى على اتصال وحتى عندما أنام أبقى أون لاين، ولا أتخيل حياتي من دون المسنجر.
فهل أصبح الانترنت للتواصل والتعارف بعد أن كان فقط للبحث العلمي والأمور العلمية وهل أختزل شبابنا مفهوم الانترنت فقط ببرامج المحادثة و الشات، حول هذا الموضوع التقينا الدكتور عبد الرحمن رشو دكتور بكلية التربية قسم علم النفس الذي قال:
إن الاستخدام المفرط للمسنجر هو نوع من التنفيس، بدليل أن أكثر مستخدميه هم من الشباب وذلك لعدم التزامهم بعمل أو شيء آخر بالإضافة لذلك ومن الناحية المادية هو من أرخص وأسرع وسائل الاتصال، الأمر الذي أدى إلى انتشاره بهذا الشكل بين الشباب، أما بالنسبة للموبايل فهو خفيف جداً بالمقارنة مع أي جهاز للكمبيوتر وسهل الحمل ويتيح لمستخدمه الاتصال بأية نقطة في العالم و بأي وقت يشاء، والاتصال بأكثر من شخص في نفس الوقت عبر المسنجر، أما من الناحية النفسية فهو يجعل الشاب يعبر بحرية عن مكنوناته الموجودة بداخله، ويؤدي لكسر الحواجز الاجتماعية والنفسية بينه وبين من يتواصل معهم.
أما عن انتشاره بكثرة فيقول د.رشو : إن غياب الحوار السليم بين الأهل والأبناء وضعف العلاقات الاجتماعية، أدى للجوء الكثير من أبنائنا للمسنجر ليعبروا ويتواصلوا مع أشخاص في أغلب الأحيان هم مجهولون بالنسبة لهم، وللأسف الشديد في مجتمع مكبوت مثل مجتمعنا نجد وفي أغلب الأوقات المعلومة السيئة هي التي تنتشر أكثر من الأشياء الجيدة.
وحول تأثيره على الصحة الجسدية قال د. رشو: هناك دراسة فرنسية تؤكد بأنه يمكن أن يؤدي إلى أمراض مستقبلية في الجملة العصبية، حتى في بعض الأحيان تصبح حركات الأصابع لاشعورية نتيجة الاستخدام الزائد للموبايل.
عدا عن ذلك فهو ينعكس بشكل سلبي على المخ وعلى الجملة العصبية التي تصبح مرهقة وذلك للاستنفار الدائم الذي يبقى عليه مستخدم المسنجر ويبقيه بحالة تأهب دائم ونشاط مستمر حتى ساعات الصباح الأولى مما يضطر الكثير من الطلبة عن التغيب عن محاضراتهم وجعل فترة المحاضرات للراحة والنوم.
أما عن حالات الارتباط والحب التي تحصل نتيجة التعارف عن النت قال د. رشو برأيي إن نسبة الفشل بهكذا علاقات تتجاوز ال80% لأن هناك دائما مصلحة ما في هذا التواصل عدا عن نسبة الكذب وعدم الصدق لأننا دائما لدينا نظرة مسبقة عن الشخص الذي يجب أن نكونه وبأننا يجب أن نكون مثاليين وهذا نوع من التنفيس أيضا…وهذه إحدى المصائب التي سنواجهها في المستقبل
رانية وجيه المشرقي
Ranea-journal@hotmail.com