الأخبار

ثورة اللثام والدم الأسود

غابت الصور بين الركام ورجفان اليد التي تنقلها .. كانت أقوى من الوصف والتعبير عن فظاعة المشهد المحروق في مجزرة كرم الزيتون وكرم اللوز  بحمص … غابت وغاب معها الصوت أيضا لا ، نبض القلب ورجفة الجفن وكل أحاسيس البشرية وأخلاق الإنسانية ..

كانت قطفة الحبق تلفظ آنفاسها الأخيرة ونحن نتربص أمام هول المصيبة والفاجعة .. قافلة أخرى تضاف إلى عداد الدم .. صور توثيقية تنضم إلى أرشيف (الثورة) وقدرة الجلاد على نقل صورة ضحية وزفها إعلاميا قبل بدء جلسات إنصاف (الثورة) وعودة الأمن للشعب..

تضرب فضائيات العروبة المزيفة بالصور عرض الحائط .. الحائط الذي مرت علية كتائب ثورة اللثام والدم الأسود.. يكتبون بدم الطفولة ويصورون عين الطفلة وأصابعه التي شدت وثاقها .. إلى أياديهم المقيدة بالسلاسل وثيابهم التي لم تغسل منذ شهر .. يصورون فقرهم وفرشهم وأغطيتهم المتناثرة.. طعامهم وألعاب أطفالهم التي شهدت وتشهدت لحظات موتهم الاخير .. ترى كيف ودعوا بعضهم البعض .. من مات اولا ومن تأخر ؟! من صاح ومن صم أذنيه وفمه من أزيز الرصاص ولون الدم واختناق الرؤية..

ماتو بصمتهم وبلعنة من لم يرفع اللثام عن وجهه.. من مازحهم بلعبة الموت .. وقال لهم .. أغمضوا أعينكم يا أطفال .. واعرفوا اين سأختبأ.. وحدها الجدران والملائكة التي اكتنزت بيوتهم تعرف ..؟! هل كان ذنبهم انهم لم يحملوا السلاح ويلبسوا اللثام .. هل كان ذنبهم أنهم رفعوا رؤوسهم بك يا سورية وقالو لن نغادر ملح أرضنا ؟! لتضيق بهم الدنيا ويتهاوى عرش الدم على ساكنية .. ويمر الخبر وتمر الصورة على شاشات العالم .. بين شد وجذب .. بين طمس لحقيقة واقع أليم .. وبين سبق إعلامي على شاشات (الحمد والفيصل) ونقل مباشر وصمت وسكون وتلطيخ لسمعة حماة الديار ..

في أروقة المجلس كان الخبر أسرع من قذائف ومدافع اسرائيل على غزة.. كان أسرع واكثر اهتماما ..فاستقبال الخبر أمميا له نكهة المباركة بأنه لا تفاوض فوق المجازر .. لا حل مع اللثام..

مهما كانت الصورة سوداء.. مهما كانت فضائياتهم مباشرة .. فإن صورتهم ستبقى ملثمة .. وفضائياتهم لها حبر الدم الأسود وهذه النفوس البريئة ستحاسبهم وتقتص منهم وتنزع عنهم لثام ثورتهم التي اختاروها .. باللثام والدم الأسود..

سليمان خليل سليمان

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*