يعتبر مرض السكري وفق إحصائيات وزارة الصحة من الأمراض الأكثر انتشاراً في المجتمع السوري حيث يحتل المرتبة الثانية من بين الأمراض الأكثر شيوعاً بين شرائح المجتمع كافة،ولعل هذه الدرجة المتقدمة التي احتلها هذا المرض جاءت مع تراجع نسبة الإصابة بالأمراض السارية ليحل محلها أمراض حديثة أكثر خطورة وشيوعاً وهي السرطان والسكري ومرض الأوعية الدموية، إلا أن داء العصر (المرض السكري) يبقى ذلك الداء الذي أعيى مداويه وأرهق ميزانيات وزارات معنية بإيجاد العقاقير الطبية التي تساهم في خفض سكر الدم أو خفض التوتر الشرياني كوزارة الصحة مثلاً التي لم تدخر من جهتها جهداً في تأمين مستلزمات العلاج الطبي كالأنسولين.
دور وزارة الصحة
وزارة الصحة السورية كانت من الوزارات القلائل في الدول العربية والعالمية التي أعطت مرضى السكري أولوية خاصة متبنيةً برنامج السكري لرعاية المرضى في سورية ، وذلك نظرا لانتشاره بكثرة بين كافة الشرائح الاجتماعية ،كما أولت الوزارة اهتماماً خاصاً بسكري الأطفال وإن كانت نسبة الإصابة به أقل من كبار السن، ولم تقتصر جهود الوزارة على ذلك بل أقامت بدمشق مركزاً للسكري تم تهيئته بالكوادر المؤهلة اللازمة لرعاية الأطفال السكريين من باحثة اجتماعية وخريجي علم نفس وأطباء وممرضات.
رأي مختص
الدكتورة “نجات صنيج” اختصاصية في أمراض الغدد الصم والسكري رئيسة الجمعية السورية لداء السكري قالت : داء السكري ثاني مرض منتشر في العالم وأما في سورية فتتراوح نسبة انتشاره من 18-20 % من السكان ونظراً لخطورة المرض فإن الأمم المتحدة أولت أهمية به وخصصت له يوم 14 تشرين الثاني للتذكير بالمرض وحشد حملات شعبية.
وعن أسباب الإصابة به تابعت قائلة ً:إحدى أهم أسباب انتشار داء السكري هو الحضارة أو البدانة لأن البدانة تؤهل لحدوث داء السكري التي أدت إلى زيادة انتشارها، حيث أنها تؤدي إلى المقاومة على الأنسولين والأنسولين هو الهرمون الذي يحرق السكر،فأسباب البدانة في سورية لا تتجزأ عن أسباب العالمية.
أنماط السكري
وميزت صنيج بين نمطين من السكر قائلةً: النوع الأول هو السكر الوراثي وتبلغ نسبته 10% من السكري والنمط الثاني الذي نسبته من 80-90% من السكر سببه البدانة التي تعود إلى زيادة الوزن الناتجة عن نقص النشاط الفيزيائي وزيادة المآكل وخاصة الدسمة منها والحريريات العالية (الهمبرغر والبيتزا والشاورما والحلويات) هذين العاملين سيؤديان إلى زيادة الوزن والبدانة وهما يؤديان إلى المقاومة على عمل الأنسولين وبالمحصلة ارتفاع في سكر الدم وهذا للأسف انتقل إلى أطفالنا ، حيث بتنا نرى أطفال بدينين، كنا نرى النمط الثاني من السكري فقط عند الكبار ولكن الآن نراه عند الأطفال فهذه كارثة، كما أصبح لدى الأطفال أنماط سلوكية مختلفة (كالشبس والكولا والبيتزا والحلويات والسكاكر) وهنا نتمنى التوعية بالنسبة للأطفال والكبار حيث تبلغ نسبة انتشار السكري بالنسبة سكان دمشق ما يقارب عشرين بالمائة .
دور الجمعية
وعن دور الجمعية التي ترأسها في الحد من مرض السكري قالت صنيج: تأسست الجمعية السورية لداء السكري وأمراض التغذية عام 1972،تقوم بالنشاطات العلمية المستمرة فيما يتعلق بإلقاء الضوء على عالم السكري من حيث الوقاية والتشخيص والعلاج ،فللجمعية دور توعوي تثقيفي فيما يخص داء السكري، كما تصدر الجمعية مجلتين دوريتين كل ثلاثة أشهر عدد، كما إن لها مؤتمر سنوي كبير متميز يطرح أحدث المعلومات فيما يتعلق بداء السكري .
الوقاية من المرض
وعن كيفية الوقاية من المرض قالت صنيج:للوقاية من المرض على الأقل ممارسة نشاط فيزيائي لمدة أربع ساعات في الأسبوع وضرورة الانتباه إلى النظام الغذائي والابتعاد عن المآكل الدسمة والغنية بالحريرات العالية والإكثار من الخضروات والبروتينات، عندها نساهم بعدم زيادة الوزن وهي وقاية مضمونة لعدم حدوث داء السكري.
ونوهت صنيج إلى أنه ثمة شريحة من المواطنين يدخلون ضمن حيز “مرحلة ما قبل داء السكري” وقالت: من الضروري على من يعرف نفسه أن لديه داء السكري أن يعالج نفسه قبل أن يتطور داء السكري لديه ، كمن لديه ضغط عالي أو يرتفع السكري لديه أثناء الحمل أو الذي أو ارتفاع التوتر الشرياني أو ارتفاع الشحوم في الدم ، فيفترض على هؤلاء أن يجرى عليهم تحليل اسمه اختبار تحمل السكر عن طريق الفم وهو اختبار بسيط وعن طريقه أستطيع أن أعرف هل هم مؤهلين مستقبلاً لأن يتطور السكر لديهم أم لا .
3-4 آلاف ل. س
وأشارت صنيج إلى أن سورية من الدول القلائل التي تهتم بمرض السكري وتؤمن له العلاج مجاناً سواءً فما يتعلق بخافضات السكر الفموية أو الأنسولين، مبينةً أن مريض السكري يحتاج وسطياً كل شهر بين 3000-4000 ل. س نظراً لحاجته لأكثر من شيء كتأمين دواء خفض سكر الدم ودواء لخفض التوتر الشرياني وخفض الشحوم .
من جهته بين د. محمد البيطار رئيس دائرة الأمراض المزمنة في وزارة الصحة أن معظم مرضى السكري لا تظهر عليهم أعراض السكري ولا يعرفون أن لديهم سكري وتبلغ نسبتهم حوالي 5% مع العلم أنه ثمة نوعين من السكري الأول هو الكهلي والثاني هو الشبابي . وبين البيطار أن نسبة المصابين بالسكري الكهلي أي التي تزيد أعمارهم عن 35 سنة حوالي 19% وفيما تبلغ نسبة السكري الشبابي 13 % .
نثمن دورها
الوقاية خير من قنطار علاج ..هذا أبلغ ما يمكن أن نقوله لتوعية المواطن من مخاطر هذا المرض الذي بات يأخذ صفة العصرية مع تقدم الحياة وتغير إيقاعها اليومي الذي بات يعتمد كلياً على الوجبات الجاهزة والسريعة وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى مخاطر صحية كبيرة خاصةً مع الإكثار من تناولها ، كما أننا نثمن دور وزارة الصحة في سعيها الدؤوب لأن تتحمل كافة النفقات الطبية فضلاً عن تأمينها الدواء.
تحقيق : علي العبدالله – خاص .. nuss. sy