وسط توقعات بإقبال كثيف يعكس الدروس التي استوعبتها جماهير الشعب طوال تسعة أشهر الماضية، وفي مقدمتها أن المشاركة تُشكل مظهراً جديداً من مظاهر الدعم لبرنامج الإصلاح الذي يقوده السيد الرئيس بشار الأسد، وهي واجب تفرضه ضرورات التصدي للهجمة الخارجية ولمن ارتضى أن يكون طابورها في الداخل، بهدف النيل من خيارات شعبنا ووحدته الوطنية، وسط كل ذلك يتوجه اليوم ملايين السوريين لانتخابات الإدارة المحلية لرفد مسيرة الديمقراطية بتجربة جديدة من شأنها أن ترسم الملامح الأولية لما ينتظرونه، ولاسيما أن هذه التجربة تأتي في مناخ أكثر تطوراً وانفتاحاً ومشاركة بعد صدور قانون الانتخابات وقانون الإدارة المحلية الذي جرى تعديله بعد أربعة عقود على إصداره.
فبعد استكمال كافة مستلزمات إنجاحها تنطلق صباح اليوم انتخابات المجالس المحلية في مختلف المحافظات ولأول مرة تحت إشراف ومتابعة لجان قضائية فرعية مستقلة لضمان نزاهتها، ويتنافس في هذه الانتخابات /42889/ مرشحاً على /17588/ مقعداً في /1337/ وحدة إدارية منها /154/ مدينة و/502/ بلدة و/681/ بلدية، فيما بلغ عدد المراكز الانتخابية /9849/ مركزاً يضم كل منها صندوقين للاقتراع حيث ينتخب كل مقترع مرشحيه للوحدة الإدارية التي يتبع لها ولمجلس المحافظة ويشرف على كل مركز لجنة انتخابية مؤلفة من رئيس وعضوين.
وتأتي هذه الانتخابات بعد صدور قانون الإدارة المحلية الجديد الذي يعطي المجالس المحلية صلاحيات واسعة تهدف إلى الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والنهوض بالواقع الخدمي والتنموي بما يتماشى مع الحراك الإيجابي الذي تشهده عملية الإصلاح ويلبي احتياجات المجتمع الحالية والمستقبلية، ولضمان شفافية العملية الانتخابية ومنعاً لحدوث التزوير فيها كتكرار اقتراع المواطن لأكثر من مرة وفي أكثر من مركز انتخابي وزعت وزارة الداخلية على المراكز الانتخابية عبوات الحبر السري حيث سيستخدم هذه الحبر لأول مرة في الانتخابات.
وتظهر البيانات الخاصة بالمرشحين ازدياد أعداد حملة الشهادات الجامعية والعليا مقارنة بانتخابات المجالس المحلية السابقة في المحافظات كافة، وبرزت خلال الحملة الإعلانية للمرشحين الوعود الاقتصادية والخدمية بأنواعها لجذب أوسع شريحة من الناخبين في حين تنوعت الوسائل الإعلانية للمرشحين التي تراوحت بين استخدام الصور واللوحات واللافتات.
وفي هذا الإطار دعا المهندس عمر غلاونجي وزير الإدارة المحلية المواطنين إلى المشاركة في انتخابات المجالس وممارسة حقهم الدستوري في اختيار ممثليهم في تلك المجالس بشعور عال من المسؤولية وذلك للمساهمة في تعميق مسيرة البناء الديمقراطي.
وأكد غلاونجي في كلمة له أمس بهذه المناسبة أن الشعب السوري يؤكد يوماً بعد يوم إصراره على استكمال بناء حياة الديمقراطية التي لم تعد شعاراً يطرح بل أصبحت ممارسة حقيقية أغنتها التجربة على مر السنين، مبيناً أن انتخابات المجالس المحلية في دوراتها السابقة قدمت إنجازاً ملموساً من إنجازات هذه التجربة وأظهرت عمق الوحدة الوطنية لشعبنا والتفافه حول قيادته وتمسكه بمبادئه الوطنية والقومية من أجل استكمال بناء دولة المؤسسات وتعزيز الديمقراطية وترسيخ الوحدة الوطنية والاستمرار في عملية التنمية الشاملة والمتوازنة إضافة إلى توسيع دائرة المشاركة الجماهيرية في قيادة الدولة والمجتمع، لافتاً إلى أن مشاركة المواطنين في هذه الانتخابات إسهام فعال في بناء الوطن وتحقيق آمال شعبنا وتطلعاته إلى حياة أفضل وهذا ما أشار إليه السيد الرئيس بشار الأسد بقوله: “إن قانون الإدارة المحلية هو من أهم الخطوات التي سيتم اتخاذها سواء من حيث منعكساته التنموية أو من ناحية إدارة الشؤون المحلية وسيسهم في معالجة العديد من الإشكالات التي لا يمكن حلها بالمركزية الإدارية الحالية ومن شأنه أن ينظم الصلاحيات والعلاقات بين مستويات الإدارة المحلية المتعددة وينعكس إيجاباً على الأداء العام لها وبالتالي على المواطن”.
وأوضح غلاونجي أن انتخابات الدورة العاشرة لمجالس الإدارة المحلية حق دستوري يتيح للمواطنين اختيار ممثليهم، داعياً جميع المواطنين إلى القيام بواجبهم الوطني بممارسة حقهم الانتخابي في اختيار أعضاء مجالسهم المحلية، وقال: إن المجالس المحلية التي ستنتخبون ممثليكم فيها يقع على عاتقها الدور الأساسي لتحقيق تطلعاتكم في بناء غد ٍأفضل والنهوض بمستوى الخدمات المقدمة لكم وقيام مجتمع متمسك بمبادئه وقيمه وحريص على تكريس الحياة الديمقراطية وكل منا يستطيع المقارنة بين الحاضر الحي لمدينته أو بلدته أو بلديته وبين الماضي البعيد لها ليقف على حجم النمو والتطور الذي أصبح واقعاً ملموساً يشتمل على جميع مقومات الحياة الكريمة، وأضاف: إن المرحلة المقبلة تتطلب منّا جميعاً وخاصة جيل الشباب شباناً وشابات منظمات وأحزاباً تعميق هذا التطور من خلال ترسيخ قواعد ومبادئ نظام الإدارة المحلية وإزالة الصعوبات التي تعترض طريقها، وقال: إن إيمانكم ببناء المجتمع المحلي المنطلق من قاعدة ثابتة ومتينة بهدف تأمين الخدمات ورفع مستوى المعيشة في مجتمعكم يمكن تجسيده في المرحلة القادمة إذا أحسنتم اختيار ممثليكم في هذه المجالس من ذوي الكفاءة والقدرة على تحمل المسؤولية وممارستها بالشكل الأمثل.
وتابع غلاونجي: إن تأهيل أعضاء المجالس المحلية واللجان المنبثقة عنها ومكاتبها التنفيذية هو في صلب اهتمام الوزارة كي تتمكن من ممارسة صلاحياتها واختصاصاتها وتكون قادرة على البت في الشؤون المتصلة بمصالح ونشاطات المجتمع المحلي، وعلى اتخاذ قرارات متحررة من الاتكالية والممارسات غير المسؤولة واثقة بنفسها متطلعة إلى تعاونكم معها لبناء المجتمع الذي نريده قوياً عزيزاً منيع الجانب يلبي طموحاتكم جميعاً في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية والخدمية.
وأكد وزير الإدارة المحلية أن قانون الانتخابات العامة كفل للناخبين عبر إشراف ٍقضائي كامل على العملية الانتخابية حرية ممارسة الحق الانتخابي في أجواء حرة ونزيهة وهادئة، مؤكداً أن اللجنة العليا للانتخابات ووزارتي الإدارة المحلية والداخلية والمحافظات حرصوا على اتخاذ كل الإجراءات التي تمكن الناخب من ممارسة حقه الانتخابي بكل يسر وسهولة وديمقراطية كما وفرت له كل أسباب ممارسة هذا الحق بمعزل عن أي ضغط أو إكراه، وأوعزت للجهات المختصة بالالتزام بأقصى درجات الحياد والموضوعية والاهتمام بمعالجة الشكاوى المتعلقة بالانتخاب ليتمكن كل مواطن من اختيار ممثليه بحرية كاملة.
وقال غلاونجي: إننا واثقون بأن ما يتحلى به المواطن السوري من وعي وتقدير سليم للمسؤولية كفيل بأن يسود الانتخابات جو من الهدوء والنظام ويجعل منها تظاهرة وطنية ديمقراطية كبرى يؤكد شعبنا من خلالها إصراره على تعزيز الانجازات التي تحققت في بلدنا على طريق البناء والتقدم وفق برنامج الإصلاح الشامل الذي أعلن عنه الرئيس الأسد في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والقضائية والإعلامية والإدارية للخروج من الأزمة الحالية أقوى مما نحن عليه وأكثر منعة وتلاحماً وقدرة على الاستمرار ببناء هذا الوطن بسواعد جميع أبنائه ليبقى قلب العروبة النابض قوياً عزيزاً كريماً.
اللجنة العليا للانتخابات
في حالة انعقاد دائم ومستمر
بدوره قال المستشار خلف العزاوي رئيس اللجنة العليا للانتخابات: إن اللجنة ستكون في حالة انعقاد دائم ومستمر اعتباراً من بداية الانتخابات وحتى إعلان النتائج، مؤكداً في تصريح لـ”سانا” أن مراكز الانتخاب مجهزة بكل الوسائل والإمكانيات والإجراءات التي تضمن حرية الناخب في اختيار المرشح الذي يمثل إرادته ويخدم بلده في المجالس المحلية.
وكشف أن اللجنة العليا للانتخابات طلبت من اللجان الفرعية بالمحافظات موافاتها بسير العملية الانتخابية عند بدء الاقتراع وتزويدها بالمعلومات المتعلقة بمجموع عدد المقترعين والفائزين عن كل فئة ومجموع عدد الفائزين الذين يحملون مؤهلات علمية جامعة ومعهد إضافة إلى مجموع عدد النساء الفائزات بالانتخابات وذلك بعد صدور النتائج، وشدد على أن قانون الانتخابات الجديد فيه من الضمانات الكافية لنزاهة العملية الانتخابية وديمقراطيتها بكل حرية وشفافية، لافتاً إلى أن الانتخاب حق للمواطن وواجب لاختيار المرشح الأكفأ الذي يمثل إرادته بحرية والأقدر على تحمل مسؤولية خدمة مواطنيه وبلده.
ودعا رئيس اللجنة العليا للانتخابات الناخبين إلى ممارسة حقهم الانتخابي بما يضمن اختيار أفضل الكفاءات والخبرات لترسيخ ممارسة الديمقراطية وتعزيز الوحدة الوطنية، مبيناً أن صناديق الاقتراع هي التي تفرز الرجل المناسب للمجالس المحلية عندما يتم اختياره من بين المرشحين الجيدين، ولفت أنه تم تفعيل موقع الكتروني للجنة على شبكة الانترنت عنوانه www.hce.gov.sy.
14.5 مليون ناخب
وقال معاون وزير الداخلية للشؤون المدنية العميد حسن جلالي: إن وزارة الداخلية قدمت كل المستلزمات اللازمة لوزارة الإدارة المحلية لإنجاح العملية الانتخابية وبينت في إحصاءاتها أسماء الناخبين الذين يحق لهم المشاركة في الاقتراع كما زودت كل مراكز الانتخابات بقوائم الذين لا يحق لهم ممارسة حقهم الانتخابي من المحجور عليهم والملاحقين وفق القانون.
وأوضح العميد جلالي أن الوزارة قامت بتصنيع 7340 صندوقاً انتخابياً لإكمال العدد اللازم لتغطية المراكز الانتخابية إضافة الى تأمين الحبر السري الذي يستخدم لأول مرة في انتخابات المجالس المحلية وتأمين الحماية الأمنية لضمان سير العملية الانتخابية حتى الانتهاء من فرز الصناديق والإشراف على نقلها الى الدوائر الانتخابية في مراكز المحافظات.
ولفت جلالي الى أن عدد البطاقات الشخصية الممنوحة في سورية وصل الى نحو 15 مليوناً ونصف المليون بطاقة في حين وصل عدد القيود المسجلة للذين أتموا الثامنة عشرة الى حوالي 14 مليوناً ونصف المليون قيد كما بلغ عدد القيود المجردة والمحجور عليها 8569 قيداً.
nuss.sy