أكبر تحدي يواجهه شبابنا وطلبتنا اليوم هو الهجرة، في وقت نحن في أمس الحاجة لبناء الرأسمال البشري، والمحافظة على من تبقّى من كوادرنا وكفاءاتنا فهي أثمن ما نمتلكه، ولكن كيف السبيل لذلك؟
سؤال هام، بل سؤال ساخن من المفروض طرحه على خلفية إعلان الحكومة عن عزمها بالعمل الجاد على وقف النزيف الحاد للكوادر الشابة التي تهاجر بأعداد مخيفة نتيجة ظروف الأزمة التي دخلت عامها السابع، فحسب رئيس الحكومة المهندس عماد خميس أثناء لقائه منذ أيام بأساتذة الاقتصاد في الجامعات السورية أن هناك دراسة جدية للأسباب التي تدفع الشباب للهجرة، ومنها خيار البدل العسكري، وتأمين فرص عمل تخفف من حدة البطالة التي وصلت إلى نسب مخيفة نتيجة لتزايد طالبي العمل أمام انكماش الفرص لدرجة انعدامها في بعض التخصصات العلمية، حيث هناك تخوف من الخريجين في الجامعة وإحساس مرّ من انعدام جدوى تحصيلهم العلمي حتى لو كان نوعياً طالما لا يوجد مناخ آمن لاستثماره!.
شبابنا يباركون هذا التحرك الحكومي، وكلهم أمل أن تترجم الأقوال إلى أفعال في القريب العاجل، فسلة الوعود لم تعد قادرة على الحمل الزائد، خاصة أن لنزيف وصل إلى حالة حرجة تهدد بفقدان خيرة الكوادر، ولعل هجرة أساتذة الجامعة في الكليات الطبية أكبر دلالة على حجم الضرر الذي أصاب مخرجات تعليمنا بالوهن ويهدد مستقبل الخريجين وسوية عملهم!.
لا نريد الوقوع مجدداً في دوامة الحلول الإسعافية لأنها لا تحل المشكلة بل تزيدها تعقيداً، إن كل ما نحتاجه اليوم هو خطط طويلة الأمد لحل مشاكلنا المتعثرة، وخاصة ما يتعلق بقضايا الشباب، فالكل متفق أنهم عماد ورافعة المرحلة المقبلة، ككوادر معوّل عليها في مرحلة إعادة الإعمار.
بالتأكيد إن خيار دفع البدل العسكري خطوة جريئة ستساهم إلى حد كبير في فرملة نوايا من يفكرون بالهجرة، ولكنها تبقى غير كافية، لأن الأهم هو تحقيق شعور الأمان والاستقرار الوظيفي للشباب لحمايتهم من إغراءات الدولار وملذات الغرب الذي ينصب شباكه لاصطياد شبابنا الواعد.
Nuss.sy