الأخبار

رئيس جامعة دمشق لـ NUSS : ” لا أحد على رأسه ريشة ” سنحاسب كل من تسول له نفسه الإساءة لسمعة الجامعة

 نعمل وفق مصالح الطلبة ومن يشعر بأنه ظلم حقه محفوظ

 المدينة الجامعية عبء على الجامعة واستقلالها بات ضرورة

 نحن من علّمنا الطالب ثقافة الحفظ والتلقين وهذه علة امتحاناتنا

*********************************************************************

أكد الدكتور عامر مارديني رئيس جامعة دمشق أن الجامعة بتاريخها العريق وحاضرها المتجدد والمتألق مستمرة في إعداد الخريجين الشباب من ذوي المهارات العالية القادرة على العطاء والإنتاج في مختلف مجالات سوق العمل ، ومواجهة تحديات العصر وضغوطاته المتزايدة.

وشدد على أن الجامعة  لن ندخر جهداً في محاسبة أي مظهر من مظاهر الخلل والعبث العلمي والإداري ، ولن تسمح لأحد بتشويه سمعة الجامعة ” لا أحد على رأسه ريشة “

وأشار إلى وجود بعض ملامح الفساد في الجامعة ، والخلل في العملية الإمتحانية ، بالإضافة إلى أمور وقضايا أخرى كانت على  طاولة الحوار المطول الذي أجريناه مع السيد رئيس الجامعة ، وفيما يلي تفاصيله :

الخلل موجود

هموم الامتحانات ومشكلاتها وكل ما يتعلق بها كانت أولى الملفات التي بدأنا بها الحوار وللأمانة كان الدكتور مارديني واضحاً وصريحاً وشفافاً في الإجابة عنها ، فلم يتوان عن كشف مظاهر الخلل في العملية الامتحانية واصفاً إياها بالعملية التشخيصية – العلاجية ، وقال :لا شك أن الامتحانات أداة مهمة من أدوات التقويم ، أي هي وسيلة وليست غاية كما عند طلبتنا ، فهم ينتظرونها ويترقبونها و يهتمون بها أكثر من العملية التعليمية ، وهنا مكمن الخلل والمؤسف أننا نحن من عوّد الطلبة على ثقافة الدراسة وقت الامتحان خلال سنوات مضت لعدم امتلكنا لنظام امتحاني يستشعر معلومات الطالب أثناء العام الدراسي إلا في حالات نادرة !

ولا أخفي سراً القول: الطالب في بعض الكليات يقرأ نماذج أسئلة الامتحان ولا يطلع على المنهاج كما هو الحال في كلية الطب البشري التي تشترط أعلى المعدلات لدخولها والظفر بمقعد فيها !!

وكيف الخروج من هذه المعضلة ؟؟

سؤال منطقي ، وأعترف لك بأنه ليس لدينا الإمكانية الآن لنتصرف أكثر من المتاح إلا إذا استطعنا إعداد الطلبة والسيطرة على دوام أعضاء الهيئة التدريسية …

وماذا بشأن الظلم الامتحاني الذي يعاني منه الطلبة في أكثر من كلية وخاصة الحقوق والآداب ؟

لا أنكر عدم وجود ظلم في الامتحانات ، فهذه مشكلة موجودة ونسعى لحلها من خلال إلزام كل كلية بوضع دليل للامتحانات وسلالم توضح للطالب آلية الامتحان وتمكنه من تقدير الدرجة التي يمكن أن يحصل عليها ، أي الكرة الآن في ملعبه ، فإن شعر بالظلم فمن حقه أن يعترض ونحن نكفل له الحصول على كامل حقوقه ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر هناك مشكلة يقع فيها الطالب ربما من حيث لا يدري وتخدعه وتجعله يشك بأنه ظلم ، وأقصد اعتماده على الملخصات التي غالباً ما تكتب بأيدي الطلبة دون التأكد من صحة معلوماتها وقد ثبت أنها تجارية ومليئة بالأخطاء ولا علاقة للأستاذ بها ، والمشكلة أن الطالب يقدر درجته الامتحانية على أساسها وهذا ما قد يجعله يشعر بأنه مظلوم .

بالتأكيد الجامعة تعي خطورة انتشار الملخصات وتعمل بشكل دائم على القضاء عليها ، وقد وجهنا مؤخراً إدارات الكليات لضبطها من خلال اعتماد مرجع جامعي من إعداد الأستاذ وإعلام الطلبة بذلك ليكون كل طالب مسؤولاً عن نفسه .

السماعات الخلوية…

وبخصوص تفشي ظاهرة السماعات الخلوية في الامتحانات الجامعية أكد رئيس الجامعة وجود شبكات تدير هذه العملية ، وإن الجامعة حاولت بكافة الوسائل ضبطها وحظرها لكن الأعداد الكبيرة للطلبة وتوزع المراكز الامتحانين في أنحاء المدينة حال دون السيطرة عليها ، ونفى وجود شركاء من داخل الجامعة تسهل عمل هذه الشبكات ، ولفت إلى أن مجلس التعليم العالي قرر مؤخراً فرض عقوبة الفصل النهائي بحق كل طالب يضبط يستعمل السماعات الخلوية .

ويل للفاسدين…

اليوم في ظل مسيرة الإصلاح الشامل  التي أطلقها السيد الرئيس بشار الأسد نحو سورية المتجددة تبرز قضية مكافحة الفساد وقطع دابره من الأولويات وصولاً إلى مؤسسات نظيفة تمارس دورها الموكل إليها على أكمل وجه ، وخصوصاَََََََََّ في المؤسسات العلمية التي يقع على عاتقها بناء الأجيال الشابة لتكون فاعلة في تنمية وتطوير المجتمع ، من هذا المنطلق سألت الدكتور مارديني :

إلى أي حد وصل الفساد في جامعة دمشق في ظل ما يشاع عن فساد علمي وإداري متغلغل بين الأساتذة والطلبة وحتى على مستوى الموظفين الإداريين ؟

فكان جوابه :

لا اريد هنا ان اقف موقف المدافع بلا أدلة ، لكن اقولها بثقة : جامعة دمشق كمؤسسة علمية تعد من أقل مؤسسات فساداً وذلك لعدة اعتبارات ، فهي مؤسسة غير ربحية بالمعنى المادي للكلمة ، أهدافها تعليمية تربوية ، وإداراتها إدارات علمية مؤقتة في مواقعها ، لذلك أي مدبر أياً كان موقعه سيسعى خلال فترة مهمته لإثبات وجوده وحسن أخلاقه وسلوكه ، وأقول بثقة مرة أخرى أن أداء الجامعة على المستويات كافة هو من أرقى المستويات الموجودة في مؤسسات الدولة …

بالطبع هذا لا يعني – يضيف رئيس الجامعة – عدم وجود مظاهر فساد وخلل في مفاصل الجامعة ، بل هناك ملامح فساد وعيننا مفتوحة عليها ونعمل على اجتثاثها وقطع دابرها ، فلن نقف أبداً مكتوفي الأيدي ، بل سنحاسب وفق الأنظمة والقوانين كل من يحاول الإساءة إلى سمعة الجامعة والعبث بمقدراتها العلمية والمادية .

واعترف الدكتورمارديني بإحالة أكثر من أستاذ جامعي إلى مجالس التأديب ممن حاولوا استغلال مناصبهم بالتعاطي بطرق غير شرعية وأخلاقية مع الطلبة ، وخانوا الأمانة العلمية بهدف الحصول على مكاسب مادية ، مشيراً إلى أن نسبة هؤلاء لا تذكر مقارنة بعدد أعضاء الهيئة التدريسية ، وقدر النسبة بحوالي خمسة بالألف .

نحن والاتحاد يداً واحدة..

ينظر الدكتور مارديني إلى الاتحاد الوطني لطلبة سورية كمنظمة فاعلة وريادية بحياة الطلبة والمجتمع تدافع قولا  وفعلاً وبكل إمكاناتها عن مصالح الطلبة ، وتقف بالمرصاد لكل من يحاول المساس بها ، وأكد أن كل مايطلبه الاتحاد من الجامعة مجاب طالما يصب في مصلحة الطلبة ، فنحن والمنظمة وجدنا لخدمة الطلبة ، مشيراً إلى أنه في اجتماعات مجلس الجامعة  دائماً يطلب من إدارات الكليات التواصل الدائم مع ممثلي الطلبة والأخذ بملاحظاتهم ومقترحاتهم بما يخدم ويطور العملية التعليمية ويرتقي بها إلى المستوى الذي يليق بسمعة جامعة دمشق ويعزز من مكانتها .

بين الأستاذ والرئيس

وسألت الدكتور مارديني  : قبل أن تصبح رئيساً للجامعة ما هي أهم الملاحظات والانتقادات التي كنت توجهها لرئيس الجامعة ، وهل ما زالت موجودة لغاية اليوم ؟

” أشكرك على هذا السؤال ” والإجابة عنه تقتضي توضيح التالي : الأمر الأول ..كنت انتقد تفرد رئيس الجامعة باتخاذ القرارات ، وأما الآن وعندما شغلت هذه المسؤولية وجدت هذا الاتهام أو الانتقاد ليس في مكانه دائماً لوجود من يتدخل أحيانا في دفع رئيس الجامعة على اتخاذ هذا القرار أو ذاك ، أي أنه مجبر على ذلك !

 والأمر الثاني سأشير إلى نقطة مهمة وهي من أهم إشكالات التعليم العالي في سورية ، وهي عدم استقلالية الجامعة بالقرار ( مع احترامنا لوزارة التعليم ) فما يراه رئيس الجامعة مناسباً لجامعته بالوقت المناسب قد لا تراه الوزارة ، كما أنه من الظلم أن تعامل الجامعات السورية بمسطرة واحدة بالقرارات دون مراعاة خصوصية  كل مؤسسة من حيث حجمها ومكانتها وعلاقاتها العلمية المتشعبة مع باقي الجامعات العالمية والعربية ، ولدى جامعة دمشق المئات منها – طبعا – مع كامل احترامي لكل الجامعات السورية .

جرأة وشفافية…

واعترف الدكتور مارديني أن اغلب قرراتنا ارتجالية وغير مؤسسة على مناحي علمية وفكرية حتى الذي يتعلق منها برئيس الجامعة الذي قد يختار لاعتبارات سياسية …

بالمختصر..أن يكلف شخص  بادارة موقع ما دون الالمام بفنون الادارة ، فهذه مشكلة كبيرة ، وهنا أقول أن كل القضايا التي كنا ننتقد فيها رئيس الجامعة كانت ارتجالية وأرى أن كل رئيس    جامعة سيقع فيها لأن الهيكلية والآلية في اختياره غير صحيحة أي غير مبنية على مناحي علمية , ورئيس الجامعة عندما يعمل في الإطار المؤسساتي لا يمكن أن يخطئ , وأنا مع محاسبة رئيس الجامعة عندما يعطي حرية في اختيار فريق عمله , أما أن يجبر على تعيين هذا الشخص أو ذاك , وما ثم يحاسب على أخطائه, فأعتقد أن هذا ظلم لرئيس الجامعة .

لا خرق أمني في الجامعة

وفيما يتعلق بالجانب الأمني داخل الجامعة وكلياتها في ظل هذه الظروف الأمنية المضطربة نتيجة ما  تتعرض له سورية من مؤامرة خارجية أكد رئيس الجامعة أن لا خروقات أمينة بالجامعة باستثناء الحادث الذي جرى في كلية الهمك ” الأمن مستتب في الجامعة واتخذنا العديد من الإجراءات الأمنية بدءاً من اختيار عناصر أمنية كفوءة على  مداخل الجامعة والكليات وصولاً إلى بوابات التفتيش وغير ذلك من الإجراءات .

عالسريع …

الحوار مع رئيس الجامعة لم يخلو من الحديث عن البحث العلمي ، والمدينة الجامعية والكتاب الجامعي الذي وصفه الدكتور مارديني  “بالشيخ الهرم ” في إشارة منه إلى كونه بات مصدر معلومات جامد لا يبعث على الإثارة ، ولا يصلح لان يكون مرجعاً علمياً يقدم معلومة عصرية للطالب ، ولفت بهذا الخصوص إلى وجود خطة لتحديث الكتاب الجامعي وتقويمه وتقديمه بحلة جديدة شكلاً ومضموناً ليبقى الكتاب ركناً أساسياً  في توفير الكم المعقول من المعلومات للطالب .

أما بخصوص المدينة الجامعية ، فلم يخف رئيس الجامعة وجود مشكلات فيها سواء على صعيد الخدمات أو الاستيعاب ، واعتبرها عبء كبير على الجامعة آن الأوان للتخلص منه من خلال جعل المدن الجامعية هيئات مستقلة تدير نفسها بنفسها وذكر أن مجلس التعليم العالي اجمع على ذلك وسيصدر قرارا بهذا الشأن ، وبرأيه أن هذا إن حصل سيحسن من مستوى الخدمات والأداء في المدن الجامعية ، والأهم أن الجامعة ستتفرغ للشأن العلمي والتعليمي … وعن البحث العلمي وهمومه في جامعة دمشق رفض فكرة من يصفه بالمتخلف و قال الأصح أن نقول أنه  مشتت هنا وهناك ” يلزمنا الكثير لإعادة الإقلاع به ووضعه على السكة الصحيحة بالرغم من وجود أبحاث جيدة في جامعتنا ومراكزنا البحثية ، ورفض ماريني وصف البحث العلمي بالمتخلف …

بشرى سارة

وفي ختام حوارنا زف لنا الدكتور عامر مارديني رئيس جامعة دمشق بشرى سارة عن قرب الإقلاع بمشروع جامعة دمشق الثانية فور توفر الظروف المناسبة ، وذكر انه تم تحديد موقعين في ريف دمشق مكاناً للجامعة التي ستخفف الكثير من الضغط والمعاناة عن جامعة دمشق الأم التي وصل عدد طلابها لأكثر من 150 ألف طالب وطالبة يضاف لها حوالي / 80 / ألف طالب بالتعليم المفتوح .

هذه هي جامعة دمشق تسعى بكل إمكاناتها لان تكون برامجها ومخرجاتها من طراز القرن الـــ 21 وبما يؤهلها لان ترتقي إلى موقع ملائم ضمن بيئة التنافس العالمي بين الجامعات .

حاوره: مدير التحرير

غسان فطوم

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*