صادف أمس ذكرى رحيل الشاعر السوري عبد المعين الملوحي السادسة وفيه تستعيد الذاكرة الثقافية العربية اسماً أسهم بكل جدارة في إغناء المكتبة العربي شعراً وجمعاً ونقداً وترجمة ليكون من خيرة الأدباء العرب الذين دعموا الثقافة العربية وحاولوا دعم التقارب بين ثقافات الشرق.
ففي زمن توافق فيه العمل السياسي مع العمل الأدبي كان الشاعر الملوحي من خيرة من عمل في هذين المجالين فالرجل الذي قضى حياته في النشر والترجمة والشعر ليقدم أكثر من مئة كتاب كان ايضاً من العاملين في المجال الوطني السياسي ليطلق عليه اسم المفكر الأممي.
تنوع منجز الملوحي الأدبي بين الشعر والنثر والكتابة الصحفية والتاريخ والتراث والترجمة حيث أصدر أكثر من خمسة عشر مجلداً في التراث وسبعة عشر في التأليف والدراسات وأربعة دواوين شعرية وخمسة وثلاثين كتاباً مترجماً ويعتبر ما جمعه من أعمال ديك الجن الحمصي من أهم الكتب التي أصدرها حيث قدم فيه ما صعب وندر من أدب الشاعر الحمصي الذي ضاع ديوانه.
ولد الملوحي في حمص عام 1917 وتلقى تعليمه في حمص ودمشق 1941 وتخرج من دار المعلمين العليا عام1942 ثم اتجه إلى القاهرة ليحمل من جامعتها إجازة في اللغة العربية عام 1945 ثم يعود ليعمل في التدريس ثم مديراً للمركز الثقافي في حمص ومديراً للمراكز الثقافية في وزارة الثقافة ومديراً للتراث العربي ومدرساً في جامعة بكين وعضواً مراسلاً لمجمع اللغة العربية بدمشق وعضو جمعية البحوث والدراسات منحته حكومة فيتنام أرفع أوسمتها واختارته الصين أستاذ شرف في جامعة بكين كما حصل على وسام الثقافة من جمهورية بولونيا وكرمته جامعة البنجاب في الباكستان.
بدأ الملوحي كتابة الشعر في سن مبكرة حيث نشر أول قصائده عام 1936 وهو البضاعة الخاسرة كما وصفها بعد زمن حيث سخرها للتعبير عن مشاعره وأحزانه العميقة إذ رثى زوجته وابنته ثم رثى نفسه.
كما كان للشاعر الراحل دور هام في الترجمة حيث فتح الباب أمام المترجمين للخوض في تجارب أدبية كانت مجهولة بالنسبة للمكتبة العربية فهو أول من ترجم الأدب الفيتنامي كما أنه نقل أعمال الداغستاني رسول حمزاتوف إلى اللغة العربية بالإضافة إلى ترجمته لعدد من كتب لينين وغوركي وبرنارد شو وهو أول من ترجم دوستويفسكي كما قدم نوادراً في الأدب والشعر مثل بعض أعمال ماوتسي تونغ الشعرية ومجموعة من الأشعار الصينية.
بعد تقاعده تنقل الملوحي بين عدد من الدول ليجمع الآثار الأدبية منها ويطلع على تجاربها في المجال الثقافي فسافر إلى الصين وفيتنام والباكستان وتركيا وبلغاريا إضافة إلى اليمن والصومال وليبيا والدول الخليجية .
وفي التراث الأدبي والثقافي العربي كان للملوحي بصمة واحدة فيما جمعه وقدمه مثل أشعار اللصوص وإخبارهم “ديوان عروة بن الورد” في علم الفروسية للاشين الحسامي “التنبيه على حدث التصحيف للاصفهاني” “الحماسة الشجرية” “الفكر العلمي عند ياقوت الحموي” “من غاب عنه المطرب للثعالبي” “الشعراء الذين رثوا أنفسهم”.