يكاد لا يخلو يوم جامعي من آهات وزفرات وتعويذات تعب وشكوى , تبدأ مع الصباح المعكر بزحمة النقل والمواصلات وتصب في تسريحة شعر وفستان ومطالب الأساتذة والطلبة ، قضايا تبدأ من كون الطالب هو المحور الأساسي في الوسط الجامعي..وتدور حوله كل العوامل التي تشكل الحجر الأساس في العملية التعليمية.. فلحظة وقوفه في ذلك الصرح العلمي..يجعله يدرك تماما..أنه جدير بهذا المقام وبهذه المسؤولية الملقاة على كاهله..في الوقت ذاته الذي يحتاج فيه هذا الطالب إلى جو آخر مساعد لإتمام هذه المهمة..فحسبنا أن نعلم أن زحمة المقررات و الامتحانات قد يؤثران عليه كثيرا ويصنعان له عائقا صعبا في كيفية التوفيق بينهما..وبين المشاريع العلمية الإجبارية التابعة للمقررات الدراسية كأداة للتطبيق العملي…
فالكتابة عن هذه القضية ولو بشكل مختصر..يعدّ ضرورة يفرضها الوضع الراهن..نتيجة معاناة الطالب جرّاء الضغط الدراسي..لاسيما وأن هذه القضية ما زالت قائمة وغير محسومة بعد..لكي تعرض نفسها للنقاش المتكرر بين أولئك المهتمين والمعنيين..
تنظيم الوقت
في البداية التقينا بالأستاذ صالح إبراهيم من كلية العلوم ، حيث استهل حديثه قائلا: لا ريب في أن وعي الطالب بأهمية التخطيط المسبق وتنظيمه لوقته له دور كبير في التوفيق بين دراسة المقررات و الاستعداد للامتحانات وبين إنجاز المشاريع العلمية، فالمذاكرة ومراجعة الدروس أولا بأول لا تسهّل عملية الاستعداد للامتحانات فحسب وإنما تمكّن الطالب من إتمام المشاريع والبحوث في المدة المحددة لها.
وحول أهم الأسباب وراء معاناة الطالب الجامعي من جو المشاريع العلمية خلال الفصل الدراسي يرى الأستاذ صالح أن التسويف والانشغال بأمور أخرى غير الدراسة تقف حائلا أمام الطالب في سبيل إنجازه للمشاريع العلمية خلال الفصل الدراسي، فتتراكم بذلك الأعمال عليه، ويصبح في حيرة من أمره تجاه ما سيبدأ به في ظل ضيق الوقت ليتمكن من إتمام هذه الأعمال.
وقد أشار إلى أن الضغط الدراسي وزحمة المقررات الدراسية والامتحانات وتراكم الأعمال تضع الطالب تحت ضغط نفسي وقلق وتوتر مما يؤدي إلى تشتت ذهن الطالب، وربما فشله في إنجاز المهام والواجبات المطالب بها ، ليقل تحصيله الدراسي وتتدنى درجاته ومعدلاته خلال السنة الدراسية .
وحول أهم الإجراءات والأساليب المقترحة في تخفيف الضغط الدراسي على الطالب الجامعي، ختم الدكتور صالح حديثه قائلا: تنظيم الوقت من خلال عمل جدول زمني يحدد فيه مدة محددة لمراجعة الدروس النظرية ومدة أخرى لعمل وأداء المشاريع العلمية والبحوث يجعل الطالب في مأمن جيد من تراكم الأعمال والدروس عليه. كذلك على الطالب ترويض النفس والصبر والجد والاجتهاد لتحقيق ما يصبو إليه وفي هذا يقول الشاعر:
لا تحسبنّ المجد تمرا أنت آكله،،،،لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
الغياب والانقطاع
تقول الطالبة أسماء عبد الله من كلية الهندسة المعلوماتية حول صعوبة التوفيق بين تناول المقررات الدراسية والاستعداد للامتحانات من جهة، وأداء المشاريع العلمية من جهة أخرى أنه: يصعب على الطالب التوفيق الجيد بين دراسة المقررات وأداء المشاريع، خاصة مع اقتراب موعد الامتحانات، حيث يؤدي ذلك إلى تشتيت الطالب وإبراز معاناته جراء ذلك، لاسيما وأن كلا الأمرين يتصدران الأهمية ذاتها، ويؤديان الغرض نفسه وهو رفع معدل الطالب والرقي بالنتيجة المنشودة.
وأردفت أسماء قائلة: أن من أهم الأسباب وراء معاناة الطالب من جو المشاريع العلمية هو استهلاك الكثير من وقت وجهد الطالب، حيث لكل أستاذ أو لكل مادة مشاريع معينة بأساليب وطرق مختلفة، مما يؤدي إلى تعرض الطالب إلى الإرهاق والتعب. كذلك وأن بعض الأساتذة لهم متطلبات وشروط كثيرة، فيلّحون على الطالب تقديم الأفضل من خلال إعطاء الملاحظات ومحاولة إرجاع المشاريع أكثر من مرة، دون مراعاة الضغط الواقع على الطالب، مما يؤثر سلبا عليه.
وحول رأيها عن النتائج المترتبة جراء الضغط الدراسي الذي يواجهه الطالب، أجابت: أن هناك العديد من الآثار الناجمة عن الضغط الدراسي وكثافة المشاريع، حيث أن صعوبة التوفيق بينهما يؤدي إلى إحساس الطالب بالملل والتعب، وانصرافه إلى عدم القيام بالمطلوب سواء في المقررات المدروسة أو المشاريع، وأحيانا أخرى يؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة الغياب لدى الطالب؛ هربا من جو الدراسة المجهد، ومن جانب آخر ينفّر الطالب من المادة نفسها أو حتى من الأساتذة، وهذا كله يهدف إلى التقليل من معدل الطالب والضعف الواضح في درجاته.
واختتمت أسماء حديثها باقتراح عدة إجراءات وأساليب في تخفيف الضغط الدراسي الواقع على الطالب، وذلك من خلال مراعاة الطالب من قبل الأساتذة وعدم تكليفهم بما لا يطاق، كما يجب على الطالب تنظيم وقته ووضع الخطط وتجنب التسويف حتى لا يؤدي إلى تراكمها، مع ضرورة فرض قوانين تراعي مصالح الطالب خاصة بما يتعلق بالمشاريع العلمية ومعايير تقييمها.
الضغوطات الدراسية
في حين تؤكد مريم الراشد من كلية الهندسة المعمارية أن صعوبة التوفيق بين الامتحانات والمواد الدراسية والامتحانات تكمن في زيادة الضغط على الطالب، وبالتالي الضعف الملحوظ في المستوى العلمي، ومنها تذبذب طموحات الطالب المستقبلية.
وأضافت مريم: قد تكون زحمة المشاريع وصعوبة شروطها وضيق الفترة الزمنية المحددة للتسليم أسبابا واضحة وراء معاناة الطالب من جو المشاريع خلال السنة الدراسية.
وأشارت إلى أن الضغط الواقع على الطالب قد يؤدي إلى انخفاض المستوى التحصيلي لديه، والتخاذل الواضح في الأداء المناسب للمشاريع وأوقات تسليمها، كم أن هذه الضغوطات تؤدي إلى ضعف كبير في العلاقات الأسرية، نتيجة تكريس مدة طويلة في أداء وعمل المشاريع والاستعداد للامتحانات، وكما يترتب على ذلك الحالة النفسية المتقلبة لكثرة التفكير في كيفية أداء المشاريع والاستعداد للامتحانات، وكيفية تنظيم الوقت للوصول إلى نتيجة مرضية.
وتنصح بضرورة مراعاة الطالب وتسهيل جدول امتحاناته، وإعطائه الفترة الزمنية الكافية لأداء المشاريع، مع مراعاة ظروفه في حالة عدم استطاعته تأدية الامتحان وتسليم المشروع في الوقت المحدد لظروف قد تكون صحية أو اجتماعية، حتى يتمكن الطالب من استيعاب المعرفة المتلقاة
يقول الطالب إسماعيل الكمي : يواجه الطالب صعوبات كبيرة تشكل المعاناة التي يمر بها بين صعوبة التركيز في مذاكرة المقررات الدراسية والاهتمام بالمشاريع والاختبارات، وتتمثل في عدم إيجاد الوقت الكافي لأداء المتطلبات من امتحانات ومشاريع، وشعوره الدائم بالضغط الدراسي الذي يفوق قدراته وإمكانياته.
وعن أهم الأسباب وراء معاناة الطالب من جو المشاريع العلمية قال : ترجع أسباب المعاناة إلى حاجة المشاريع إلى الوقت الكبير لإنجازها مع صعوبة تلك المشاريع في بعض الأحيان وقلة وجود التشجيع المعنوي من قبل الأساتذة، ناهيك عن الصعوبات والعراقيل التي تتمثل في البحث عن أفكار ومصادر جديدة ومتنوعة مع عدم توفر بعض الأدوات اللازمة والتي يحتاجها الطالب لإتمام المشاريع العلمية.
والشعور العام
وعبّر هلال نصر من كلية الهندسة المعمارية أن من أهم النتائج الناجمة جراء الضغط الدراسي هي عدم الاهتمام الكامل بمذاكرة الدروس ومراجعتها وذلك بسبب تكريس الوقت لإتمام المشاريع العلمية، مما يؤدي إلى نقص في الدرجات وانخفاض في المعدل العام لدى الطالب، وبالتالي شعوره باليأس والتعب والإرهاق لدرجة التفكير بالخروج من الكلية وعدم القدرة على اكتساب المعرفة اللازمة، ومن جهة أخرى التقصير مع الأهل من الناحية الاجتماعية من خلال قلة وجود فرص أو متسع من الوقت للحوار والجلوس مع أفراد العائلة والقيام ببعض الأعمال المنزلية.
ويختتم حديثه قائلا: من أهم الأساليب المقترحة في تخفيف الضغط الدراسي هي تخفيض المقررات الدراسية والمشاريع العلمية وإعطاء الطالب الفرص الكثيرة لإتمام وأداء المشاريع، والوقت اللازم والكافي قبل بدء الاختبارات، مع مراعاة إمكانيات الطلبة في الاختبارات والأخذ بآرائهم ومقترحاتهم في تسهيل العملية التعليمية والدراسية.
إلى ذلك يبقى السؤال من المسؤول عن تنظيم هذه الحلقات الدائرة بين الطالب والجامعة ومشروع التخرج والمواد الدراسية وغيرها من الأمور التنظيمية في يوم جامعي يبدأ ولا ينتهي مع دورات التأجيل واللا ترتيب وأين هو دور الجهات الأهلية والحكومية ؟
سليمان خليل سليمان