هنا يرقد جثمان الفقيد .. الفقيد كتاب جامعي ناهز عمره المائة .. وفقيد أخر عمره مئتين أو ثلاث أو أكثر .. هناك من بعده في ريعان الشباب ينتظر من يرفع عنه غبار الزمن والأيام المتمردة.. ينتظر من يقول له خسئت فارات الحواسيب وأقراص التشغيل ولوحات المفاتيح .. خسئت شبكات الانترنت أن تلغي رائحتك ورياق الحبر فيك .. ولكنهم ظلموك ..
هنا أمام المستودع وقف طالب جامعي ينتظر موظف تحولت مهنته من أمين مكتبة الى أمين مستودع .. وقف يقرأ الموعد الوحيد الذي شاء القدر ان يجمعه مع أمين المستودع الثلاثاء الساعة الحادية عشرة صباحا حتى الواحدة ظهرا إما أن تاتي وإما الا تأتي وبين الموقفين اسبوع كامل , حدثني حيدر الطالب المجد في قسم التاريخ أنه ينوي استعارة كتاب في تاريخ الحضارات القديمة لإتمام بحثه ولكن الموعد المقدس .. مقدس والانتظار سيد الموقف .. حدثني عن معاناته مع المكتبة التي لم اصدقها حتى تنور نظري بها فألاف الكتب المبعثرة بلا أغلفة وبلا عناوين . أكوام الغبار المتلاصقة على الحواف.. لافهرسه ولا أرشيف.. العبارة التي اختصرت اسم مكتبة إلا مستوع تنبئ بالمشهد .الدخول لاستعارة كتاب يتطلب هوية شخصية أو بطاقتك الجامعية مثلا لاستعارة كتاب وهو ما يجعله يستغني عن ذلك ..
في المكتبة يطول الوقت ويطول إذ يستغرق البحث عن كتاب أكثر من ربع ساعة ليخرج وقد خابت نظراتك اليه على حد وصف رشا فاللهفة للقاء الكتاب تتحول الى خيبة أمل لما وصلت اليه الحال ..
يقول علي الذي استعار كتابا في تاريخ القضية الفلسطينية للدكتور محمد حبيب صالح والدكتورة سمر بهلوان وقد كان مفقودا في المكتبة مما اضطر لسحبه من أحد مواقع الانترنت انه تقدم للحصول على الكتاب منذ أكثر من ثلاث أشهر وتمت إجابته بتبريرات كثيرة ولكنه سعيد اليوم لرؤيته بين يديه ..
في أسئلتي لموظف المكتبة لم أحصل على سبب مقنع استطيع الرد به سوى أن أكتب لكم انه مازالت الطريق وعرة في تبني الإصلاح الإداري وكشف جوانب الخطأ فالموظف يحمل شهادة ثانوية وفي البيوت يقبع المئات من خريجي قسم اسمه المكتبات وهذا أتوقع كفيل بمعرفة ماسيبرره موظف ناهيك عن طلب التصريح والاذن
في نهاية المطاف وجدت مجموعة من الطلبة يقفون أمام المستودع يستعدون لجولة اخرى من البحث عن كتاب .. قال أحدهم وانا اغادر المكان .. صحافة ياصحافة .. لسه ماشفت شي … !
سليمان خليل سليمان