حتى ما قبل الأزمة التي نعيشها منذ سنة وثلاثة أشهر كان الشباب فئة معطلة (عالة على المجتمع) غير قادرة على إثبات حضورها في الحراك العام إلا وفق أطر ومسارات محددة ومحاطة بالخطوط الحمراء!
طبعاً لم يكن ذلك بمزاج الشباب، أو بإرادتهم، وإنما بفعل الإقصاء المتعمد لهذه الشريحة التي تمثل أكثر من نصف المجتمع السوري، هذا الإمعان “بالتهميش” حفر آثاره السلبية على جدران معاناة الشباب، حيث شهدنا خلال السنوات الماضية على سبيل المثال لا الحصر ارتفاع في نسب الراغبين بالهجرة بحثاً عن فرصة عمل، لكن الأخطر كان بوضوح وتنامي الهشاشة والضعف بمفهوم المواطنة، فكثيراً ما كنا نسمع عبارة.. أنا غريب في وطني..!
هذه الحالة لم يستغربها البعض ورأوا فيها نتيجة طبيعية للبعد عن الشباب وعدم محاكاة همومهم التي يتطلعون إلى حلها وفق خطط وبرامج يأملون أن يكونوا شركاء بها، وما زاد الطين بلة الإصرار على التفكير والتكلم بصوتهم ، وهذا ما ساهم بخلق فجوة كانت تتسع يوماً بعد يوم بفعل فشل الحكومات المتعاقبة في ترجمة الأقوال إلى أفعال!
في الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب كان هناك غزل واضح للشباب لمحاولة استقطابهم عبر شعارات براقة عزفت على أوتار معاناتهم، وعلى الرغم من أن نتائج الانتخابات سجلت نسبة جيدة مقارنة بعدد المنتخبين والظروف الأمنية الطارئة، لكن للأمانة بعض المراكز لم تشهد إقبالاً شبابياً، وهذا ما علله أحدهم بقوله: لم تقنعنَ وعودهم وبرامجهم السطحية، فلماذا أكون شريكاً في المؤامرة على مستقبل وطني؟!
الملف الشبابي من المفترض أن يكون حاضراً بقوة على أجندات عمل الحكومة القادمة، ومجلس الشعب يجب أن يكون أميناً ومخلصاً للوعود الشبابية، فزمن رمي قضايا وهموم الشباب في سلال المهملات ولّى إلى غير رجعة إليه.
الشباب بطاقاتهم وقدراتهم وفكرهم النيّر مطالبون بقيادة المرحلة القادمة بكل مجالاتها، وعلى أصحاب القرار أن يعدوا العدة على هذا الأساس، أي بالاستفادة قدر الإمكان من العمر الشبابي وفتح الباب للشباب المؤهل والمدرب لممارسة دوره في صنع القرار الصائب الذي لا يحتمل التأويل والتفسير بحسب أمزجة من يصدره، وهذه أمانة الشباب عندكم يا أعضاء مجلس الشعب الموقّرين!.
غسان فطوم